Saturday 10 October 2015


                                                                             ضغوط الحياة تفسد المزاج 



نمر جميعا بتقلبات مزاجية من وقت لآخر نتيجة ضغوط الحياة والعمل أو اضطراب علاقتنا بشركائنا أو مشكلات الأولاد ومسؤوليتهم. وتظل هذه التقلبات المزاجية محتملة ونستطيع تجاوزها كلما كانت في حيزها الطبيعي ولا تؤثر على تفاعلنا مع ذواتنا والمجتمع.. لكن عندما تصبح أكثر شدة بحيث تضعف من قدرتنا على العمل، أو التواصل الاجتماعي وبناء العلاقات، أو تقلل من تحصيلنا الدراسي، فإن ذلك قد يشير إلى وجود اضطراب المزاج المرضي.
يعرف هذا الاضطراب بثنائي القطب، أو مرض «الهوس- الاكتئاب»، وهو اضطراب عقلي يتسم بتقلبات مزاجية شديدة تتراوح بين فترات من ارتفاع المزاج (هوس أو هوس خفيف)، وأخرى من هبوط المزاج (الاكتئاب).
في حال الهوس، يتميز الشخص بمزاج ممتاز، وإحساس بالغبطة، أو مزاج عصبي جدا، يستمر لمدة أسبوع على الأقل، يصاحب ذلك إحساس مرتفع بالطاقة والحيوية وانخفاض ملحوظ في الحاجة إلى النوم. كما يشعر الفرد بارتفاع احترامه لذاته، والميل إلى التحدث أكثر وأسرع، وتسابق الأفكار، والشعور بالحيرة، وزيادة في الأنشطة الموجهة نحو هدف معين، وغالبا ما يتورط في أنشطة مفرطة المتعة لكن لها عواقب مؤلمة (على سبيل المثال الافراط في الإنفاق بطريقة لاعقلانية، الدخول في تجارب جنسية طائشة، والقيادة المتهورة). وفي حال الهوس الشديد، يمكن أن ترافقه أعراض ذهانية مثل الهلوسة أو الأوهام، وغالبا ما يتطلب الأمر دخول الشخص المستشفى. أما بالنسبة للشق الاكتئابي من هذا الاضطراب، فإن الشخص يعاني أعراض الاكتئاب لمدة أسبوعين على الأقل، وتشمل اعتلال الحالة المزاجية أو الحزن، وفقدان الاهتمام بما يدور حوله، وانخفاض النشاط أو الانسحاب الاجتماعي، واضطرابات الأكل والنوم، والشعور بالتعب أو انخفاض الرغبة الجنسية، وصعوبات في التركيز أو اتخاذ القرارات، والإحساس بالدونية، وأفكارا أو خططا انتحارية. وفي أشكال أكثر حدة، يمكن أن يهددا
لاكتئاب الحياة، ويتطلب دخول المريض المستشفى لأن محاولات الانتحار تمثل تهديدا كبيرا في الاضطراب ثنائي القطب.
يبدأ هذا الاضطراب غالبا في مرحلة المراهقة المتأخرة أو بداية البلوغ، أو ربما في مرحلة مبكرة عن ذلك، ويؤثر على الرجال والنساء بشكل متساو. وعلى الرغم من عدم تحديد العلماء لأسباب واضحة ودقيقة لهذا المرض، إلا أن الجينات وخلل المواد الكيميائية في الدماغ يلعبان دورا قويا في جعل بعض الناس عرضة للإصابة به.
والسؤال المهم هنا: هل هناك علاج لمثل هذه الحالات؟!
نعم يوجد علاج، لكنه يتطلب الاكتشاف المبكر للحالة، وتعلم أساليب فعالة للابتعاد عن الضغوط، فمن المعروف أن الضغوط الحياتية وحدها لا تسبب الاضطراب ثنائي القطب، إلا أن نوبات الهوس أو الاكتئاب يتم تنشيطها وتتأثر بسبب الأحداث الضاغطة في الحياة والعمل والأسرة. كما يمثل تعاطي المخدرات والكحول وعدم تناول الأدوية، وعدم انتظام النوم عوامل تنبؤ لانتكاسة المريض وتباطؤ الشفاء.
< العلاج الدوائي: وهو ضروري ويتضمن عادة تناول الأدوية التي تساعد على استقرار المزاج، إضافة إلى العلاج النفسي. فهناك الآن أدلة قوية على أن التدخلات النفسية يمكن أن تضاف إلى العلاج بالعقاقير من أجل مساعدة الناس على حسن إدارة المرض والحد من تكرار النوبات.
التعليم النفسي: ويشمل إعطاء المرضى وأقاربهم معلومات أو معرفة وافية عن المرض وكيفية التغلب عليه، إضافة إلى تعليمهم بعض مهارات إدارة الذات. وتستغرق جلسات التعليم النفسي من 5 إلى 10 جلسات على شكل مجموعات.
< العلاج السلوكي المعرفي: وهو من أشكال العلاج النفسي قصير المدى الذي ثبتت فعاليته في علاج اضطرابات المزاج، بما في ذلك الاكتئاب والاضطراب الثنائي القطب، ويستخدم في مساعدة الناس على تحديد مسببات نوبات الاضطراب ووضع خطة مكتوبة لمنع الانتكاس، وزيادة الأنشطة في حال الاكتئاب، والحد منها في حال الهوس، وتصحيح الأفكار السلبية واستبدالها بأخرى أكثر إيجابية. كما يتم إشراك الأسرة في خطة العلاج، وذلك بالتركيز على المرضى وأسرهم، وتعلم مهارات حل المشاكل من أجل التعامل بفعالية أكبر مع عواقب المرض.
وأخيرا، فإن الدعم الاجتماعي مهم جدا للأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، فالمحبة والاحتواء النفسي والتقارب الأسري تخفف من آلامنا وتساعدنا على حل مشكلاتنا وتحمينا من المرض
 
                                                                                

بحث

شكرا لزيارتكم نتمني ان ينال هاذا العمل اعجابكم