تعتبر اللغة المنطوقة فى كلمات من أهم وسائل التواصل بين الإنسان ومجتمعه. وبين الإنسان والأخر... بها يمكنه اكتساب الخبرات والمعارف ، وبها يسأل عما يشبع احتياجاته المتنوعة، كما يعبر بها عن مشاعره وأحاسيسه فى إبداعات أدبية متنوعة وسيلته فى ذلك الكلمة.
وإن كان اكتساب اللغة، وتنميتها لدى الإنسان لا يرتبط بمرحلة عمريه، فهى عملية تراكمية تبدأ مع الإنسان من طفولته، من لحظة مناغاة الأخرين له لا يختلف فى ذلك إنسان عن إنسان أو جنسى عن جنس، فالجميع يتعلم من الأخرين من مراحلهم المبكرة، وتتراكم المعارف اللغوية، ومهارات استخدامها من مرحلة لأخرى، وتستمر طالما استمر الإنسان حياً يتفاعل ويتواصل مع الناس والحياة.
والطفل يولد مزوداً بأجهزة استقبال والتقاط وذاكرة، تساعده على تعلم اللغة، واكتساب مفرداتها وتركيباتها، وبنائها، ومن أهم هذه الأجهزة ما يرتبط بالعقل مركز التفكير والقيادة للإنسان.
لكن لو كان الذكاء وقدراته – وهى بعض القدرات العقلية – تساعد على اكتساب ونمو اللغة لدى الطفل، فماذا يحدث لو أصاب هذه القدرات بعض قصور ولم تعد كما هى لدى الطفل السوى، أو لم تعد تعمل بمعدلها الطبيعى لدى طفل دون باقى الأقران..؟ بالضرورة سوف يكون هناك عيوب فى النطق أو صعوبة فى الكلام أو قصوراً فى اكتساب اللغة يختلف باختلاف الإصابة أو القصور.
من جانب أخر نجد أن نمو اللغة يتأثر إلى حد كبير بنوع الخبرات والمواقف التى يتعرض لها الطفل، وبمدى تفاعله معها، وإدراكه لأبعادها. فماذا يحدث لو عزل هذا الطفل المصاب بقصور فى قدراته العقلية عن العالم، بدعوى أنه لا يماثل أقرانه الأسوياء ؟ باختصار، فى بعض الأحيان ولأسباب خارجة عن إرادة الطفل / الإنسان، تصاب قدرة من قدراته التى تساعده على اكتساب اللغة، قصوراً ما، فيعتبره من حوله معاقاً، لأنه غير قادر على التواصل والتعبير مع الآخرين، فيخشون عليه ويعزلونه عن العالم، مهما كانت نوعية الإعاقة...
وواحد من هذه الإعاقات تلك التى يسببها نقص فى الذكاء، ويصنف بناء عليها الأطفال إلى فئات من "المتخلفين عقلياً" وتكون أفضل فئاتهم حظاً من يصنفوا بالقابلين بالتعلم وهم من يتم إلحاقهم بمدارس التربية الفكرية. والتى يجدوا فيها العون لإكسابهم بعض المهارات والقدرات التى تساعد على تكيفهم الاجتماعى والتواصل مع الآخرين.
واليوم ومع التطبيق الجيد فى كثير من الأحيان لمنهج التعليم بالأنشطة واللجوء إلى الخبرة والنموذج كوسائط تعليمية، ذلك الأسلوب الذى بدأه المفكر التربوى الأمريكى جون ديوى، عندما وجد أن المدارس التقليدية، التى تهتم فقط تنمية الذكاء والتحصيل الدراسى، لا تجدى كثيراً فى تربية الطفل، فمن الخطورة أنعن طريق خبرات الحياة اليومية والممارسة، وكما قال:" وتتحدد أهمية الخبرة بمدى الاستجابة المباشرة لها، والتنبؤ بتأثيرها على ما يليها من خبرات، ويشكل هذا تحدياً أمام منهج التعليم بالخبرات، الذى يجب أن يقوم باختيار نوع الخبرة المثمرة، والقادرة على التأثير الإبداعى على غيرها من الخبرات التى قد يتعرض لها الطفل مستقبلاً".
والخبرة هى "محصلة ما يكتسبه الفرد ويتعلمه من قيم ومعارف ومهارات سلوكية، من خلال تعرضه لمواقف من الحياة يتفاعل فيها مع الأخر والمجتمع، وتؤثر فى سلوكه واتجاهاته وردود أفعاله، وتظهر فى مواقف مشابهة مستقبلاً، وتصبح سمة من سمات الشخصية".
ويتم اكتساب الخبرات وتعلمها "ويتلخص أسلوبه فى "أن يتعلم الطفل المهارات والمعارف الأكاديمية عن طريق خبرات الحياة اليومية والممارسة، وكما قال:" وتتحدد أهمية الخبرة بمدى الاستجابة المباشرة لها، والتنبؤ بتأثيرها على ما يليها من خبرات، ويشكل هذا تحدياً أمام منهج التعليم بالخبرات، الذى يجب أن يقوم باختيار نوع الخبرة المثمرة، والقادرة على التأثير الإبداعى على غيرها من الخبرات التى قد يتعرض لها الطفل مستقبلاً".
والخبرة هى "محصلة ما يكتسبه الفرد ويتعلمه من قيم ومعارف ومهارات سلوكية، من خلال تعرضه لمواقف من الحياة يتفاعل فيها مع الأخر والمجتمع، وتؤثر فى سلوكه واتجاهاته وردود أفعاله، وتظهر فى مواقف مشابهة مستقبلاً، وتصبح سمة من سمات الشخصية".
ويتم اكتساب الخبرات وتعلمها "عن طريق التعرض المباشر للخبرات من خلال التواتر الشفاهى كما فى الحكى. والتلقى عن الآخرين كالأبوين ومن يرعونه فى الصغر، والمعلمين، ووسائل الإعلام، أو عن طريق الاحتكاك المباشر مع آخرين فى عدد من المواقف الحياتية".
ويعتمد التعلم غير المباشر على قوة المصدر فى التأثير على الفرد، وهو ما يعرفه أصحاب نظريات التعلم بالنموذج "فالفرد يتعلم عن طريق ملاحظة الغير وتقليدهم عند الاقتناع بهم ثم التوحد معهم، وأن الأطفال أكثر إيجابية فى تعلمهم عن طريق التقليد، فالطفل يلاحظ فيتنمذج ويقلد ما يراه ويسمعه من أقوال أو أفعال".
ومن هنا بدأ الاتجاه إلى استخدام منهج التعليم بالخبرة والنموذج ، كوسيلة لتنشئة الأطفال، وإكسابهم العديد من المهارات والقدرات، ومنها اللغة وتنمية مهاراتها.
ومن تنوع الأنشطة التى توظف اليوم داخل المؤسسات التعليمية التى تعتمد هذا المنهج الأنشطة الدرامية المتنوعة من (دراما إبداعية – ونشاط تمثيلى – ومسرح) والتى وجدت صدى جيد لدى الجميع وحققت نتائج باهرة مع الأسوياء.
لهذا فقد بدأ الاتجاه فى التفكير نحو محاولة التجريب مع الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة. واستخدام النشاط الدرامى عامة والمسرح خاصة فى إكسابهم عدد من المهارات والقدرات ومنها المهارات اللغوية..
فهل يستطيع المسرح أن يحقق ذلك ؟
مما لاشك فيه أن المسرح كشكل من أشكال التواصل الإنسانى المباشر، يتعرض فى موضوعاته لعديد من الخبرات الإنسانية من خلال نماذج إنسانية تتواصل وتتفاعل مع بعضها ومع المجتمع بثقافته ونظمه الحضارية، ووسيلته فى ذلك الكلمة، يساعد هذا الإنسان لتنمية بعض مهارات التواصل، ومنها الاستماع والحديث، واللغة بالضرورة باعتبارها عصب هذه المهارات، فارتباط اللغة بالفهم والفكر يساعد على تنمية مهارات الحديث والتعبير. هذا بجانب ما تتسم به لغة المسرح وحواره بجماليات أدبية رفيعة ، يختص بها فن الكتابة المسرحية عن سائر أشكال فنون الأدب، كل هذا يجعل من النص/ العرض المسرحى وسيط جيد لإكساب المتلقى المهارات اللغوية اللازمة لتحقيق تواصل بناء.
من جانب أخر هناك جماليات التمثيل التى تعتمد على فنية الإلقاء التى تجعل الكلام "واضحاً فى المبنى والمعنى" تساعد على تنمية التذوق اللغوى من جهة، واكتساب المتلقى لعدد من المفردات اللغوية الجديدة التى تثرى قاموسه اللغوى.
من جهة أخرى يحفل العرض المسرحى بعدد من اللغات التى يتواصل بها مع متلقية والتى يمكن أن تكون وسيطاً جيداً لتعلم اللغة وإكسابها للأطفال. فإن كان المعلم فى الفصل يعتمد على لغة منطوقة وفى قليل من الأحيان يستعين ببعض الوسائل التعليمية، إلا أن المسرح يستخدم دوماً عدد من اللغات المتنوعة فى مخاطبة مشاهديه ومنها اللغة المسموعة والتى تخاطب بها حاسة السمع، وهى قد تكون لغة منطوقة تعتمد على الكلمة والتى يجب أن تكون بسيطة فى مستوى القدرة اللغوية للمشاهدين، ومناسبة للشخصيات بأبعادها الفيزيقية والاجتماعية والنفسية، وأيضاً لغة الموسيقى والمؤثرات السمعية التى تعمل على تحقيق المزاج النفسى والإثارة والانفعالية المناسبة للمشهد.
هناك أيضاً اللغة التشكيلية والتى يعبر عنها من خلال المناظر المسرحية (الديكور) والأزياء، والألوان وهى تخاطب حاسة الأبصار وتحقق الإثارة البصرية والمنظر المسرحى هنا فى مسرح الطفل يمكن أن يكون مثله مثل الكتاب المصور، يساعد على تنمية القدرة الإنقرائية لدى الطفل، كما يساعد عل تعرفه على الحروف المختلفة ونطقها مرتبطة بالأسماء.
ومن خلال إضافة وحدات من الحروف المرتبطة بأسماء الشخصيات والأدوات المستخدمة فى العرض وبالتالى تحقق ما قد تحقيقه الكتاب المصور الذى يعلم الحروف والكلمات.
هناك أيضاً استخدام الملصقات المرسومة والمزودة بكلمات قليلة ببنط يمكن رؤيته من قاعة المشاهدة... واستخدام الأقنعة والعرائس جميعها تحل محل الصور فى الكتاب المصور وتقوم بدورها فى إكساب المهارات اللغوية للأطفال مشاهدى المسرح.
وأخيراً ... هناك لغة الحركة التى يستخدمها الممثلون فى التعبير عن المعانى والمشاعر والانفعالات المختلفة التى يعبر عنها الموقف والتى تساعد على الفهم وتيسير المعنى من خلال تعبيرات الوجه وحركة الجسم والإشارة والإيماءة...
هذه اللغات لا تعمل فى المسرح منفصلة عن بعضها البعض، بل تعمل فى تضافر وتناسق تام بحيث تعمق كل منها اللغة الأخرى ، لدرجة أن ما لا تستطيع الكلمة المباشرة أن توصله إلى المشاهدين من معانى، يمكن للمنظر أو الحركة أن تحققه، كما يمكن أيضاً للحركة والمنظر أن يعمقا من المعانى التى تجئ بها الكلمات والمحتوى.
وهكذا يحقق استخدام المسرح فى العملية التعليمية مزيداً من العمق فى الفهم والتفسير من خلال تعدد لغاته، وتعدد الحواس التى يتعامل معها. لكل ذلك يكون المسرح التعليمى أو مسرحة المناهج والتى يمكن توظيفه فى تعليم اللغة للأسوياء وللأطفال فى مدارس التربية الفكرية.
المسرح وتعليم اللغة مع الطفل ذو الاحتياجات الخاصة
بداية نعترف بأننا نخطئ لو اقتصرنا فى تعريفنا لهؤلاء الأطفال، المعاقين عقلياً (Mentally retarded) المتخلفين عقلياً، على أنهم أقل نسبة فى الذكاء (I.Q) عن نسبة ذكاء الطفل العادى ذلك أن مشكلة هؤلاء الأطفال ترتبط أساساً بعدم القدرة على التكيف مع الحياة اليومية، لافتقارهم إلى العديد من المهارات اللازمة للمشاركة فى الحياة اليومية مثل : مهارات التواصل، والعناية بالذات، والاستقلالية ، والتفاعل الاجتماعى، واللعب، والعمل، والإحساس بالأمان والثقة بالنفس، بجانب نقص نسبة الذكاء.
لذلك وتمشياً مع الهدف العام، الذى تحاول كافة المؤسسات التربوية التى ترعى مثل هؤلاء الأطفال تحقيقه ، والذى يتلخص فى مساعدتهم على العيش مع أسرة، وأن يشاركوا فى حياة المجتمع ، ليشعروا باستقلاليتهم ، وبحقهم فى الاستمتاع بالحياة، والثقة بالنفس، كأى شخص أخر. يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال منهج الأنشطة المختلفة الذى يساعد على نمو الطفل فى العديد من المجالات، ومنها الأنشطة الدرامية (الدراما الإبداعية، النشاط التمثيلى). لكن هل يمكن أن نوظف المسرح التعليمى ومسرحة المناهج مع الطفل المعاق عقلياً القابل للتعلم، داخل مدارس التربية الفكرية ؟
للإجابة عن هذا السؤال سننطلق من التوجيهات التى وردت بدليل المعلمة لمرحلة التهيئة بصيغها الأول والثانى بمدارس التربية الفكرية فى مصر (2000-2001) حيث تذكر التوجيهات العامة فى البند ثامناً.
"إن تعلم المواد الأكاديمية من (قراءة وكتابة وحساب) ليست هدفاً فى ذاته، بالنسبة لتلميذنا، وإنما الهدف هو أن يوظفها فى المواقف الحياتية اليومية، بما يحقق تكيفه الشخصى والاجتماعى، واستقلاليته، وقدرته على الإنجاز".
وعلى ذلك يمكن القول أن مثل هذا الطفل فى حاجة ليتعلم ويتدرب على مهارات التواصل، العناية بالذات، الحياة المنزلية، المهارات الاجتماعية، استغلال وقت الفراغ، والتوجيه الذاتى، والشعور بالأمان ، والثقة بالنفس، بجانب المهارات الأكاديمية اتلى تساعده فى التفاعل مع الحياة. ولكى يتحقق هذا، لابد وبالضرورة الاستعانة بمنهج الأنشطة، وبالأخص الأنشطة الدرامية والتمثيلية، لكن هل يمكن لأنشطة الدراما الإبداعية مثلاً أو المواقف التمثيلية، أن تنجح فى تحقيق هذا مع طفل يعرفه (Kirk). "بأنه غير قادر على التعليم العادى، نتيجة بطء نمو العقلى، ولكنه قادر على تعلم بعض المهارات الأكاديمية الأساسية (كالقراءة والكتابة والحساب) قادر على الاعتماد على نفسه، إذا تم تدريبه ولديه درجة معقولة من التوافق الاجتماعى، أما مهنياً فإنه يستطيع القيام ببعض الأعمال البسيطة، والتى تمكنه من إعالة نفسه ولو بشكل جزئى أو كلى".
مثل هذا الطفل بطئ التعليم، الذى ينسى ما يفعله بسرعة، قد يصعب عليه الاستفادة من ممارسة الدراما الإبداعية، وإن مارسها فلن تخرج الممارسة عن تقليد من حوله، ويأتى الأداء نسخة مكررة من أداء المعلمة أو ممن حوله.
هذا الطفل من جانب أخر، لا يستطيع الانتباه إلا لمثير واحد، وفترة الانتباه لديه محدودة، وسرعان ما يتشتت انتباهه، وتمر عليه أشياء كثيرة لا ينتبه إليها لقلة وبساطة استجابته الداخلية للمتغيرات، مثل هذا الطفل فى حاجة دائمة لمن يوجهه كالمعلم فى الفصل أو الراوى فى المسرح، والذى يساعده على تركيز الانتباه، وتوجيهه.
هنا يأتى دور المسرح، والذى يعمل بمثيراته المتعددة، ولغاته التى تتضافر، وعوامل الجنب والتشويق المتنوعة ، بداية من المحتوى الذى يقدم للطفل موضوعاً يقع فى دائرة اهتمامه، من خلال شخصيات تثير لديه بعض الانفعال، ولها القدرة على إضحاكه، والتى يمكن أن يتوحد معها ويتقبل أفكارها.
يتم ذلك من خلال مواقف درامية قصيرة تتناسب مع مدى الانتباه لديه يعقبها نقاش وحوار حول ما تم، حوار مقنن يسعى لتوضيح الموقف الدرامى، وما يتضمنه من معارف، ومعلومات، تفسر وتوضح وتعمق من الموضوع التعليمى، الذى هو الهدف النهائى لمسرحة المناهج.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الإعداد الدرامى للمسرحية التعليمية، داخل إطار من الخبرة الحياتية، يمكن أن يحقق التوجيه السابق الإشارة إليه، بوضع الموضوع التعليمى فى سياق حياتى، مما يساعد على إكساب الطفل مهارة التوظيف للمعرفة فى الحياة، هذا ويرتبط هذا الموقف بتنمية الطفل اجتماعياً من خلال ما يتعرض له من نماذج سلوكية تساعده على التكيف الشخصى والاجتماعى.
يتفق هذا مع الأهداف العامة لمنهج تعليم الطفل المعاق القابل للتعليم، والتى تسعى إلى تنمية المهارات الاجتماعية، وتعريف الأطفال بكيفية التعامل مع الآخرين. وكما سبق الإشارة لابد من وجود فترات من النقاش والحوار، بين الراوى والطفل، حول ما تم مشاهدته، تلك الفترات التى تساعد على تنمية قدرات التواصل والتعبير لدى الأطفال والتى تعتمد بالضرورة على تنمية القدرات اللغوية.
نخلص مما سبق وأنه لكى يمكن توظيف المسرح كوسيط تعليمى يتعلم الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة (اللغة) كنموذج هنا فى مدارس التربية الفكرية لابد وأن يتوفر فى النص/العرض مايلى :
1- الارتباط بخبرة حياتية تتناسب مع المرحلة العمرية وتقع فى دائرة اهتمام الطفل.
2- أن تقدم من خلال نماذج من السهل التعرف عليها، مألوفة لدى الطفل لها القدرة على الإثارة والتشويق والجذب.
3- أن يوظف الإطار التشكيلى كمثير وحافز للتعرف على الحروف والكلمات البسيطة خاصة أسماء الشخصيات والأشياء التى تتعامل معها شخصيات المسرحية.
4- أن تكون هناك مساحات للارتجال، للحوار والمناقشة، حرة، تقوم بين المؤدى والأطفال، تسمح بتقويم المكتسبات اللغوية، وإتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عن أفكارهم من خلال اللغة.
5- أن يكون هناك تكراراً للكلمات الجديدة فى أكثر من سياق داخل الخبرة المعروضة فى مساحة التمثيل، ومناقشة الأطفال حول معانيها المختلفة تبعاً للسياق الحياتى.
6- أن تقدم الكلمة بأكثر من صورة خلال العرض، مكتوبة، ومؤداه، ومغناة فى أغنيات بسيطة تثير الطفل.
7- أن تكون هناك فترات للتطبيق التربوى على المكتسبات اللغوية والتعبير، وإعادة الأداء التمثيلى، أو إعادة رواية موضوع المسرحية لتدعيم ما اكتسبه الطفل من مهارات للتواصل ومفردات لغوية يثرى بها قاموسه اللغوى.
8- أن يشرف على الفعل المسرحى هنا معلمات مؤهلات، مدربات على كيفية قيادة الفعل داخل مدارس التربية الفكرية، وتقديم عرض مسرحى والاستفادة منه فى تعلم وتنمية مهارات التواصل ومنها اللغة.
المصدر
.د. كمال الدين حسين
أستاذ الأدب المسرحي والدراسات الشعبية
كلية رياض الأطفال
جامعة القاهرة
2002
ومن هنا بدأ الاتجاه إلى استخدام منهج التعليم بالخبرة والنموذج ، كوسيلة لتنشئة الأطفال، وإكسابهم العديد من المهارات والقدرات، ومنها اللغة وتنمية مهاراتها.
ومن تنوع الأنشطة التى توظف اليوم داخل المؤسسات التعليمية التى تعتمد هذا المنهج الأنشطة الدرامية المتنوعة من (دراما إبداعية – ونشاط تمثيلى – ومسرح) والتى وجدت صدى جيد لدى الجميع وحققت نتائج باهرة مع الأسوياء.
لهذا فقد بدأ الاتجاه فى التفكير نحو محاولة التجريب مع الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة. واستخدام النشاط الدرامى عامة والمسرح خاصة فى إكسابهم عدد من المهارات والقدرات ومنها المهارات اللغوية..
فهل يستطيع المسرح أن يحقق ذلك ؟
مما لاشك فيه أن المسرح كشكل من أشكال التواصل الإنسانى المباشر، يتعرض فى موضوعاته لعديد من الخبرات الإنسانية من خلال نماذج إنسانية تتواصل وتتفاعل مع بعضها ومع المجتمع بثقافته ونظمه الحضارية، ووسيلته فى ذلك الكلمة، يساعد هذا الإنسان لتنمية بعض مهارات التواصل، ومنها الاستماع والحديث، واللغة بالضرورة باعتبارها عصب هذه المهارات، فارتباط اللغة بالفهم والفكر يساعد على تنمية مهارات الحديث والتعبير. هذا بجانب ما تتسم به لغة المسرح وحواره بجماليات أدبية رفيعة ، يختص بها فن الكتابة المسرحية عن سائر أشكال فنون الأدب، كل هذا يجعل من النص/ العرض المسرحى وسيط جيد لإكساب المتلقى المهارات اللغوية اللازمة لتحقيق تواصل بناء.
من جانب أخر هناك جماليات التمثيل التى تعتمد على فنية الإلقاء التى تجعل الكلام "واضحاً فى المبنى والمعنى" تساعد على تنمية التذوق اللغوى من جهة، واكتساب المتلقى لعدد من المفردات اللغوية الجديدة التى تثرى قاموسه اللغوى.
من جهة أخرى يحفل العرض المسرحى بعدد من اللغات التى يتواصل بها مع متلقية والتى يمكن أن تكون وسيطاً جيداً لتعلم اللغة وإكسابها للأطفال. فإن كان المعلم فى الفصل يعتمد على لغة منطوقة وفى قليل من الأحيان يستعين ببعض الوسائل التعليمية، إلا أن المسرح يستخدم دوماً عدد من اللغات المتنوعة فى مخاطبة مشاهديه ومنها اللغة المسموعة والتى تخاطب بها حاسة السمع، وهى قد تكون لغة منطوقة تعتمد على الكلمة والتى يجب أن تكون بسيطة فى مستوى القدرة اللغوية للمشاهدين، ومناسبة للشخصيات بأبعادها الفيزيقية والاجتماعية والنفسية، وأيضاً لغة الموسيقى والمؤثرات السمعية التى تعمل على تحقيق المزاج النفسى والإثارة والانفعالية المناسبة للمشهد.
هناك أيضاً اللغة التشكيلية والتى يعبر عنها من خلال المناظر المسرحية (الديكور) والأزياء، والألوان وهى تخاطب حاسة الأبصار وتحقق الإثارة البصرية والمنظر المسرحى هنا فى مسرح الطفل يمكن أن يكون مثله مثل الكتاب المصور، يساعد على تنمية القدرة الإنقرائية لدى الطفل، كما يساعد عل تعرفه على الحروف المختلفة ونطقها مرتبطة بالأسماء.
ومن خلال إضافة وحدات من الحروف المرتبطة بأسماء الشخصيات والأدوات المستخدمة فى العرض وبالتالى تحقق ما قد تحقيقه الكتاب المصور الذى يعلم الحروف والكلمات.
هناك أيضاً استخدام الملصقات المرسومة والمزودة بكلمات قليلة ببنط يمكن رؤيته من قاعة المشاهدة... واستخدام الأقنعة والعرائس جميعها تحل محل الصور فى الكتاب المصور وتقوم بدورها فى إكساب المهارات اللغوية للأطفال مشاهدى المسرح.
وأخيراً ... هناك لغة الحركة التى يستخدمها الممثلون فى التعبير عن المعانى والمشاعر والانفعالات المختلفة التى يعبر عنها الموقف والتى تساعد على الفهم وتيسير المعنى من خلال تعبيرات الوجه وحركة الجسم والإشارة والإيماءة...
هذه اللغات لا تعمل فى المسرح منفصلة عن بعضها البعض، بل تعمل فى تضافر وتناسق تام بحيث تعمق كل منها اللغة الأخرى ، لدرجة أن ما لا تستطيع الكلمة المباشرة أن توصله إلى المشاهدين من معانى، يمكن للمنظر أو الحركة أن تحققه، كما يمكن أيضاً للحركة والمنظر أن يعمقا من المعانى التى تجئ بها الكلمات والمحتوى.
وهكذا يحقق استخدام المسرح فى العملية التعليمية مزيداً من العمق فى الفهم والتفسير من خلال تعدد لغاته، وتعدد الحواس التى يتعامل معها. لكل ذلك يكون المسرح التعليمى أو مسرحة المناهج والتى يمكن توظيفه فى تعليم اللغة للأسوياء وللأطفال فى مدارس التربية الفكرية.
المسرح وتعليم اللغة مع الطفل ذو الاحتياجات الخاصة
بداية نعترف بأننا نخطئ لو اقتصرنا فى تعريفنا لهؤلاء الأطفال، المعاقين عقلياً (Mentally retarded) المتخلفين عقلياً، على أنهم أقل نسبة فى الذكاء (I.Q) عن نسبة ذكاء الطفل العادى ذلك أن مشكلة هؤلاء الأطفال ترتبط أساساً بعدم القدرة على التكيف مع الحياة اليومية، لافتقارهم إلى العديد من المهارات اللازمة للمشاركة فى الحياة اليومية مثل : مهارات التواصل، والعناية بالذات، والاستقلالية ، والتفاعل الاجتماعى، واللعب، والعمل، والإحساس بالأمان والثقة بالنفس، بجانب نقص نسبة الذكاء.
لذلك وتمشياً مع الهدف العام، الذى تحاول كافة المؤسسات التربوية التى ترعى مثل هؤلاء الأطفال تحقيقه ، والذى يتلخص فى مساعدتهم على العيش مع أسرة، وأن يشاركوا فى حياة المجتمع ، ليشعروا باستقلاليتهم ، وبحقهم فى الاستمتاع بالحياة، والثقة بالنفس، كأى شخص أخر. يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال منهج الأنشطة المختلفة الذى يساعد على نمو الطفل فى العديد من المجالات، ومنها الأنشطة الدرامية (الدراما الإبداعية، النشاط التمثيلى). لكن هل يمكن أن نوظف المسرح التعليمى ومسرحة المناهج مع الطفل المعاق عقلياً القابل للتعلم، داخل مدارس التربية الفكرية ؟
للإجابة عن هذا السؤال سننطلق من التوجيهات التى وردت بدليل المعلمة لمرحلة التهيئة بصيغها الأول والثانى بمدارس التربية الفكرية فى مصر (2000-2001) حيث تذكر التوجيهات العامة فى البند ثامناً.
"إن تعلم المواد الأكاديمية من (قراءة وكتابة وحساب) ليست هدفاً فى ذاته، بالنسبة لتلميذنا، وإنما الهدف هو أن يوظفها فى المواقف الحياتية اليومية، بما يحقق تكيفه الشخصى والاجتماعى، واستقلاليته، وقدرته على الإنجاز".
وعلى ذلك يمكن القول أن مثل هذا الطفل فى حاجة ليتعلم ويتدرب على مهارات التواصل، العناية بالذات، الحياة المنزلية، المهارات الاجتماعية، استغلال وقت الفراغ، والتوجيه الذاتى، والشعور بالأمان ، والثقة بالنفس، بجانب المهارات الأكاديمية اتلى تساعده فى التفاعل مع الحياة. ولكى يتحقق هذا، لابد وبالضرورة الاستعانة بمنهج الأنشطة، وبالأخص الأنشطة الدرامية والتمثيلية، لكن هل يمكن لأنشطة الدراما الإبداعية مثلاً أو المواقف التمثيلية، أن تنجح فى تحقيق هذا مع طفل يعرفه (Kirk). "بأنه غير قادر على التعليم العادى، نتيجة بطء نمو العقلى، ولكنه قادر على تعلم بعض المهارات الأكاديمية الأساسية (كالقراءة والكتابة والحساب) قادر على الاعتماد على نفسه، إذا تم تدريبه ولديه درجة معقولة من التوافق الاجتماعى، أما مهنياً فإنه يستطيع القيام ببعض الأعمال البسيطة، والتى تمكنه من إعالة نفسه ولو بشكل جزئى أو كلى".
مثل هذا الطفل بطئ التعليم، الذى ينسى ما يفعله بسرعة، قد يصعب عليه الاستفادة من ممارسة الدراما الإبداعية، وإن مارسها فلن تخرج الممارسة عن تقليد من حوله، ويأتى الأداء نسخة مكررة من أداء المعلمة أو ممن حوله.
هذا الطفل من جانب أخر، لا يستطيع الانتباه إلا لمثير واحد، وفترة الانتباه لديه محدودة، وسرعان ما يتشتت انتباهه، وتمر عليه أشياء كثيرة لا ينتبه إليها لقلة وبساطة استجابته الداخلية للمتغيرات، مثل هذا الطفل فى حاجة دائمة لمن يوجهه كالمعلم فى الفصل أو الراوى فى المسرح، والذى يساعده على تركيز الانتباه، وتوجيهه.
هنا يأتى دور المسرح، والذى يعمل بمثيراته المتعددة، ولغاته التى تتضافر، وعوامل الجنب والتشويق المتنوعة ، بداية من المحتوى الذى يقدم للطفل موضوعاً يقع فى دائرة اهتمامه، من خلال شخصيات تثير لديه بعض الانفعال، ولها القدرة على إضحاكه، والتى يمكن أن يتوحد معها ويتقبل أفكارها.
يتم ذلك من خلال مواقف درامية قصيرة تتناسب مع مدى الانتباه لديه يعقبها نقاش وحوار حول ما تم، حوار مقنن يسعى لتوضيح الموقف الدرامى، وما يتضمنه من معارف، ومعلومات، تفسر وتوضح وتعمق من الموضوع التعليمى، الذى هو الهدف النهائى لمسرحة المناهج.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن الإعداد الدرامى للمسرحية التعليمية، داخل إطار من الخبرة الحياتية، يمكن أن يحقق التوجيه السابق الإشارة إليه، بوضع الموضوع التعليمى فى سياق حياتى، مما يساعد على إكساب الطفل مهارة التوظيف للمعرفة فى الحياة، هذا ويرتبط هذا الموقف بتنمية الطفل اجتماعياً من خلال ما يتعرض له من نماذج سلوكية تساعده على التكيف الشخصى والاجتماعى.
يتفق هذا مع الأهداف العامة لمنهج تعليم الطفل المعاق القابل للتعليم، والتى تسعى إلى تنمية المهارات الاجتماعية، وتعريف الأطفال بكيفية التعامل مع الآخرين. وكما سبق الإشارة لابد من وجود فترات من النقاش والحوار، بين الراوى والطفل، حول ما تم مشاهدته، تلك الفترات التى تساعد على تنمية قدرات التواصل والتعبير لدى الأطفال والتى تعتمد بالضرورة على تنمية القدرات اللغوية.
نخلص مما سبق وأنه لكى يمكن توظيف المسرح كوسيط تعليمى يتعلم الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة (اللغة) كنموذج هنا فى مدارس التربية الفكرية لابد وأن يتوفر فى النص/العرض مايلى :
1- الارتباط بخبرة حياتية تتناسب مع المرحلة العمرية وتقع فى دائرة اهتمام الطفل.
2- أن تقدم من خلال نماذج من السهل التعرف عليها، مألوفة لدى الطفل لها القدرة على الإثارة والتشويق والجذب.
3- أن يوظف الإطار التشكيلى كمثير وحافز للتعرف على الحروف والكلمات البسيطة خاصة أسماء الشخصيات والأشياء التى تتعامل معها شخصيات المسرحية.
4- أن تكون هناك مساحات للارتجال، للحوار والمناقشة، حرة، تقوم بين المؤدى والأطفال، تسمح بتقويم المكتسبات اللغوية، وإتاحة الفرصة للأطفال للتعبير عن أفكارهم من خلال اللغة.
5- أن يكون هناك تكراراً للكلمات الجديدة فى أكثر من سياق داخل الخبرة المعروضة فى مساحة التمثيل، ومناقشة الأطفال حول معانيها المختلفة تبعاً للسياق الحياتى.
6- أن تقدم الكلمة بأكثر من صورة خلال العرض، مكتوبة، ومؤداه، ومغناة فى أغنيات بسيطة تثير الطفل.
7- أن تكون هناك فترات للتطبيق التربوى على المكتسبات اللغوية والتعبير، وإعادة الأداء التمثيلى، أو إعادة رواية موضوع المسرحية لتدعيم ما اكتسبه الطفل من مهارات للتواصل ومفردات لغوية يثرى بها قاموسه اللغوى.
8- أن يشرف على الفعل المسرحى هنا معلمات مؤهلات، مدربات على كيفية قيادة الفعل داخل مدارس التربية الفكرية، وتقديم عرض مسرحى والاستفادة منه فى تعلم وتنمية مهارات التواصل ومنها اللغة.
المصدر
.د. كمال الدين حسين
أستاذ الأدب المسرحي والدراسات الشعبية
كلية رياض الأطفال
جامعة القاهرة
2002