أم النافعين
أماه ... يا أم النافعين ... يا أم أيمن وأمجد... أماه أنت من أنجبت النافعين .. أنت من ربيت النافعين .. أنت من علمت النافعين ... أنت من دربت النافعين ... أنت من قدمت للوطن من خيرة أبنائه النافعين
عاشت والدتي للثمانين من عمرها الميمون – توفاها الله قبل عام – مسيرتها حافلة بالعطاء ولكني سأركز على رعايتها وتربيتها لابنيها من خاصة خلق الله هما أيمن
وأمجد المميزان من رب العالمين من أفضلهم وأكرمهم عند الله تعالى ...
إنهما من متلازمة داون
إنهم أماه .. ذخرك الدائم وسندك المتواصل وعملك المأجور .. وقصرك المعمور ومكانك المرموق ... وكرامتك المصانة .. وحقك المحفوظ وقدرك المكتوب الناس ينعتون أيمن وأمجد .. أرأيتم أكثر من هكذا أسى ؟؟!!وهكذا ألم ؟؟!.. أكثر من هكذا حقيقة مرة .؟؟!!..
أولادك أمي نافعين .. ناجحين .. أولاد ك والدتي فخرك وعزك .. نافعين .. نافعين
كم ذرفت أماه من الدموع ؟؟! كم تجرعت ألم الحسرة والقهر ؟؟! كم ساورتك نفسك للاستسلام ؟؟! لكن لا .. لا ..
أماه لم تثنك كلمة (يا حرام عندها أولاد اثنين مش نافعين ) .. مش نافعين ... هكذا كان
وألف لا ..
هذه الدموع وهذه الحسرة وهذا الضعف خلق في نفسك خليطا من التحدي والقوة خلق مزيجا من العزم والصمود خلق نوعا من الإصرار والإرادة .. خلق منك إمرأة عصامية لا يقف طموحها عند حد ولا يقف أمامها أي سد فكل الطرق أمامك أماه مشرعة .
وساندك زوجك الذي جدّف معك مركب الحياة لبر الأمان الذي لا
يقل عنك رعاية واهتماماً ووقف بجانبك وكان أكثر الناس حباً وفخراً بهما واهتم هو بتأمين تكاليف الحياة الرغدة وتأمين الحياة – كان يسهر على راحتهما ويهتم ويتابع كل شؤونهما ومنه تعلمت الصمود والمثابرة والعزيمة – فكنتما خير سند في خضم أمواج الحياة المتلاطمة
ماه ابنك البكر أيمن وإن اختلفت خصائصه وشكله وميزاته عن بقية البشر – وما أجمله – لكنك جعلت من هذا التميز أثرا نافعا وأثرا إيجابيا وقدوة للغير.. .ابنك الصغير كبر في أكناف حضنك الدافئ وعقلك الراجح .. ابنك الأول تيمنت به الخير فسميته أيمن فكان لك ما أردت وكان لك ما تمنيت .. فأيمن الخير هو كل الخير .. لم تترددي أماه في التفرغ لفلذة كبدك تركت عملك
في سلك التعليم لتتفرغي لطفلك فأصبح أيمن كل مدرستك .. خرجت من مدرسة التعليم إلى مدرسة الحياة فحياتك أيمن .
وشاءت إرادة الله أن يزيدك من فضله ونعيمه فمنحك ووهبك بابن آخر يماثل أيمن شكلا وخصائصا .. فسميته أمجد ليكون لك مجدا وعزا وفخرا وكان لك ما أردت .. ما تذمرت وما ضجرت وإنما صبرت واحتسبت أماه لم تستمعي للأقاويل ولا لكلام الحاسدين ولا لشماتة الحاقدين ولا حتى لشفقة المقربين ... أماه إلى الله توجهت وبالليل ناجيت وعليه توكلت فكان نعم المولى ونعم النصير .
كانا جل همك قدمت لهما بفطرتك السليمة ما يقدمه العلم الحديث من برنامج منزلي للتدخل المبكر... (البورتيج ) كان البورتيج الذي استخدمته معينا لهما وهاديا لحياتهما .. تدرجت معهما وتقدمت بهما.. تقربت لهما فقدماك عنهما .. زرعت لهما الأرضية فحصدت الثمار .. ثمارك أمي يانعة .. ناضجة .. مفيدة .. نافعة نعم نافعة ..
لم تتوفر مصادر المعرفة الحديثة من نت ومواقع الكترونية وغيرها .. وحتى مؤلفات الكتب لم تكد تكن متوفرة كما هي عليها الآن .. لكنك أمي أصبحت تتابعين الراديو والتلفزيون والجرائد لعلك تقرأين خبرا أو تكتسبين معلومة .
وخلال رحلة عطائك أشرفت عليهما. وكان لك ما أردت عمل ابنك و انتظم أيمن بالعمل بشركة سوفت للورق الصحي لمدة خمسة عشر عاما .. كان عاملا وموظفا مواظبا منت
نافعا نعم نافعا .
وأخي أمجد انتظم في مشغل نول لصناعة البسط والسجاد فكان عاملا مواظبا منتجا نافعا نعم نافعا .
يا أم النافعين يا أم أيمن وأمجد يحق لسيرتك العطرة أن تسجل بماء الذهب ثناء وشكرا وتقديرا .. وهيهات هيهات أن توفيك حقك ويكفيك فخرا وعزا وكرامة من الله عز وجل وهو لذي ميزك في الدنيا و وعدك بتميزك في الآخرة ... هنيئا لك أجرك في الدنيا وثواب الآخرة ..
موضوعي هذا أقدمه لكل أم قد تعاني من مرارة الأسى والحسرة في داخلها من أن ابنها أو ابنتها متلازمة نعم أخواتي أمهات أفراد متلازمة داون ثقتي بكن كبيرة وأعلم تمام العلم إنكن نماذج مضيئة يهتدى بها تماما مثل أمي
فكلكن
أمي بمثابرتها وعطائها – بصبرها وثباتها – بعزها وفخارها – كلكن أمهات متلازمة داون أمهات نافعات لأبناء نافعين
نعم نافعات – فلكن أن تفتخرن بأنفسكن وحق لكن ذلك – فكل تحايا التقدير والاحترام
نزجيها لكن واحدة منكن
بقلم انتصار عادل الخطيب