Thursday 31 December 2015

أختلاف اللعب لدى ذوى التوحد

 

معايير تشخيص اضطرابات التوحد لدى الجمعية الأمريكية للطب النفسي (1994م) تشمل النقص والافتقار إلى اللعب التخيلي العضوي المتنوع أو اللعب الاجتماعي التقليدي المناسب لمستوى نمو الطفل. قائمة الفحص والاختبار (CHAT) التي أعدت بواسطة (بارون - كوهين 2000م) لأطفال الحضانة (Todlers) عبارة عن استبيان للفرز تم تصميمه بناءً على افتراض أن الأطفال الذين لا يبدون اهتماماً مشتركاً أو لعباً تظاهرياً (بالمحاكاة) عندما يبلغون سن (18 شهراً) قد يكونون معرضين للإصابة بالتوحد ويحتوي الاستبيان على عدة أسئلة عن اللعب منها على سبيل المثال سؤال عن هل يتظاهر الطفل بإعداد كوب من الشاي باستخدام الكوب الموجود ضمن لعبته أو يتظاهر بأداء أشياء أخرى؟ الطبيب العام الزائر سوف يراقب الطفل أيضاً ليرى هل يتمكن الطفل من إكمال المهمة. وفي حالة فشل الطفل في أداء هذه اللعبة بالإضافة إلى فشله في مهام أخرى فإن ذلك مؤشر على وجود صفات طيف التوحد. 


الطفل ذو التوحد لا ينظر إليه كطفل يحب اللعب (باير وجاملتون 2000م) وقد يضعف لعبه ويتوقف في أي مرحلة من مراحل تطوره ولكن معظم الأبحاث تحاول التركيز على التظاهر Pretence أو اللعب الرمزي. لقد أظهرت الأبحاث بأن اللعب الحسي الحركي هو السائد لدى الأطفال ذوي التوحد بعد عمر التلقين اللفظي بينما يضمحل لدى الأطفال العاديين من غير فئة التوحد (غوردون/ليبي 1997م) . إضافة لذلك نجد أن الأطفال ذوي التوحد قد فقدوا الممارسة المبكرة للألعاب اليدوية وألعاب التركيب التي مارسها الأطفال الأسوياء من غير فئة التوحد ولذلك فهم يستخدمون مثل هذه الألعاب بطريقة غير مرنة فنجد الطفل ذو التوحد مثلاً مشغولاً بتدوير عجلات السيارة (اللعبة) فقط بدلاً من الاهتمام بقيادة السيارات أو سباق سيارات. أما رويرز وفان بيركلار - أوثير (1994م) فيصفان الأطفال ذوي التوحد بأنهم يفتقدون الفضول الذي يتميز به الأطفال الأسوياء من أمثالهم ويشيران إلى أن سلوك اللعب لديهم محدود ويقتصر على الألعاب اليدوية البسيطة وهو نوعياً أقل منزلة من الألعاب التي يفضلها الأطفال غير المصابين بالتوحد ممن هم في سنهم كما أن استخدام الألعاب الرمزية غائباً في الغالب عندهم أو ضعيف جداً . بعض الأطفال ذو التوحد لا يعطون أي إشارة تدل على أنهم يريدون اللعب مع غيرهم من الأطفال ويفضلون اللعب لوحدهم وبعضهم يرغب في اللعب مع غيره من الأطفال ولكنه يجد صعوبة في شرح رغبته وكمثال لذلك هناك ثلاثة أطفال ذوي توحد يشاركون في مجموعة لعب متكاملة هم تيريسا وفريدي وجاريد وجميعهم يجدون صعوبة في دعوة الأطفال الآخرين للعب معهم. تيريسا تريد سوك أن يلعب معها ولكن كلامها لم يكن مفهوماً له حيث قالت له "اللعب في بيت الألعاب سوك"، كما أن فريدي فشل في محاولاته لجذب الأطفال الآخرين إلى اللعب معه رغم محاولاته ذلك بأن اختبأ منهم أولاً ثم قلدهم بالمحاكاة ثانياً وأخيراً مثل دور الولد الشقي وبعثر ألعابهم بدون جدوى. (وولفبيرج 1999م).


ربما يكون الطفل ذو التوحد يمارس اللعب ولكننا لا ندرك ذلك، ولا شك بأن ذلك الطفل الذي يدير عجلات السيارة (اللعبة) لا زال يتمتع بشيء من خصائص اللعب كما وصفها الباحث جارفي (1997م) وإضافة لذلك فقد أشارت بعض الأبحاث بأن الأطفال ذوي التوحد قد لا يكونون عاجزين تماماً عن المشاركة في الألعاب التظاهرية (التخيلية) وخاصة إذا كانت هذه الألعاب منظمة بدرجة كبيرة أو تم استخدام أسلوب الحث والتلقين فيها لتشجيع اللعب (جارود، باوتشر واسميث 1996م). وبناءً على نتائج أبحاثهم يطرح الباحثون الثلاثة المشار إليهم أعلاه الرأي القائل بأن الأطفال ذوي التوحد لديهم مشاكل من ناحية توليد أو بدء اللعب التظاهري (التخيلي) وليس في آليات التظاهر نفسه. وإلى ذلك أشار الباحث استامر(1999م) إلى أنه رغم أن الأطفال ذو التوحد يفتقدون الرغبة في اللعب العفوي الحر إلا أن ذلك لا يدل على عدم مقدرتهم الكاملة على اللعب. ولكن قد يكون ذلك بسبب صعوبة اللعب التي يجدونها وبالتالي فهم يمارسون نوعاً من التكرار الفاشل مما يؤدي إلى زيادة إحباطهم وانعدام حافز اللعب لديهم. 


وفي الغالب عندما تجد الطفل ذو التوحد يلعب ألعاباً رمزية فإنها تكون نسخة مما شاهده في التلفزيون أو في غيره وقد يكرر عدة مرات تمثيل صور مخزونة أو مشاهد من قصة عن إحدى اللعب التي شاهدها في الفيديو. رغم أن لعب الأطفال ذو التوحد قد يبدو أصلياً وتخيلياً لكنه في الحقيقة ليس كذلك فقد يكون هذا اللعب تكراراً لما سبق. الباحث وولفبيرج (1999م) يقول عن الطفلة ذو التوحد تيريسيا بأنها صارت مرتبطة بلعبة معينة (DOLL) فهي تمارس نفس الطقوس يومياً معها حيث تقوم بإدخالها للاستحمام وغسلها وتمشيط شعرها كل يوم، أما الطفل ذو التوحد فريدي فهو يلعب لعبة المطاردة كل يوم وهو في البداية يلعبها مع زميل الدراسة جاريد وأخيراً أصبح يبادر بلعب هذه اللعبة بصورة عفوية مع بقية الأطفال، ولكنه كان يحتاج إلى أطفال أكبر منه سناً ليساعدوه وهو في طريقه أثناء المطاردة. وقد أشار شيرات (1999م) إلى أن هذا السلوك التمثيلي قد يوفر المثير الذي يجعل الطفل ذو التوحد قادراً على توليد التظاهر أو التقليد العفوي. 


وقد كشف كل من جارود وباوتشر وسميث (1996م) بأن الأطفال من فئة التوحد لا يعانون من صعوبات في توليد اللعب التظاهري العفوي فقط، ولكنهم أيضاً يقضون أوقاتاً أقل بكثير من الأطفال الآخرين في اللعب الوظيفي (مثل محاولات جعل اللعبة تمشي) ويجادل هؤلاء بأن هذا الكشف أعلاه والمتعلق بضعف أو عجز مستويات اللعب الوظيفي لدى الأطفال ذو التوحد يثير التساؤل حول تقرير ليسلي (Leslie 1987) عن الفن التمثيلي لأن اللعب الوظيفي لا يحتاج إلى قدرات فن تمثيلي ولكنه رغم ذلك عاجز وضعيف. 


كذلك وجد كل من ويليامز و/ريدي و/كوستل (2001م) أنه عند مقارنتهم بعينات ضابطة نظيرة (مثل أطفل لديهم متلازمة داون وأطفال نموهم نموذجي) اتضح أن الأطفال ذو التوحد لا يتوسعون في اللعب الوظيفي (مثل تحريك الملعقة بداخل الكوب) وبدلاً عن ذلك فإن لعبهم يشتمل على لعب وظيفي بسيط (مثل وضع الملعقة في الكوب بدون تحريكها) . 


وقد قامت المجموعات الضابطة بتقسيم الوقت بالتساوي بين هذين النوعين من اللعب وقد اتضح أن الأطفال ذو التوحد قد قاموا بأداء أطفال (أو حركات) مختلفة/متنوعة أقل وقضوا وقتاً أقل من (وقت لعبهم المخصص لهم) في اللعب الوظيفي الجديد عند مقارنتهم بالمجموعات الضابطة. 


وملخص ما سبق هو أن لعب الأطفال من فئة التوحد يمكن أن يقال عنه أنه فقير أو مسلوب القوة والحيوية وحسب افتراض شيرات (1999) فإن الصعوبة التي يجدها الأطفال ذوي التوحد في اللعب التمثيلي (التظاهري) ناشئ من الصعوبة التي يجدونها في تنظيم الأفكار بسلاسة وفي إيصال هذه الأفكار إلى الآخرين. إضافة لذلك فإن اضطراب اللعب لدى فئة التوحد قد يؤدي مباشرة إلى اضطراب جميع أوجه النمو والتقدم لديهم (غوردان وليبي 1997م)، وقد يكون صحيحاً أيضاً أن عدم مرونة عمليات التفكير تفسد اللعب كما تفسد نمو المهارات الأخرى (شيرات 2001 إيه) ويعتقد كل من شيرات وبيتر (2002) أن تعليم هؤلاء الأطفال اللعب قد يزيد من تنظيم وسلاسة الأفكار لديهم والحد من تجزئة وتشتت تصوراتهم وأفكارهم. وبصفة خاصة إذا تم تعليمهم اللعب وهم صغار في السن فإن ذلك قد يساعدهم على خفض أنماط السلوك الجامدة والمكررة وتشجيعهم على تطوير قدرات الاتصال لديهم. 
 
 مصادر متعددة
 ترجمة : وحدة الترجمة بالجمعية السعودية الخيرية للتوحد

بحث

شكرا لزيارتكم نتمني ان ينال هاذا العمل اعجابكم